يقف بنك كندا عند مفترق طرق حيث يستعد لاتخاذ قرار محوري هذا الأسبوع بشأن أسعار الفائدة، وسط آأنقسام توقعات السوق بين خفض 25 نقطة أساس وخفض أكثر عدوانية بمقدار 50 نقطة أساس. وسيمثل هذا التخفيض الرابع على التوالي بعد ثلاثة تخفيضات سابقة. وعليه فأن قرار بنك كندا معقد بسبب الإشارات المختلطة من بيانات التضخم وسوق العمل المتغيرة والتوقعات الاقتصادية المتطورة. وحسب نتائج المفكرة الاقتصادية…. وفي سبتمبر، انخفض تضخم أسعار المستهلك في كندا إلى 1.6٪ على أساس سنوي، وانخفض إلى ما دون هدف 2٪ لأول مرة منذ فبراير 2021. ويساهم بشكل كبير في هذا التضخم المتبقي في تكاليف الإسكان؛ بأستثناء هذه، قد ينخفض التضخم إلى أقل من 1%.
ومع ذلك، لا يستطيع بنك كندا تجاهل المكونات بشكل انتقائي، الأمر الذي جعل صناع السياسات حذرين بشأن التخفيف بشكل مفرط. ومن بين المخاوف الرئيسية خطر تجدد ضغوط الأسعار إذا أصبحت الظروف النقدية أكثر مرونة.
تحسن آفاق النمو على الرغم من تباطؤ التضخم
وعلى الرغم من تباطؤ التضخم، يبدو النمو الاقتصادي في كندا مرنًا. حيث يشير أحدث مسح لتوقعات الأعمال إلى تحسن المشاعر بين الشركات، حيث تجاوزت أرقام الناتج المحلي الإجمالي ومبيعات التجزئة الأخيرة التوقعات. ومع ذلك، يقدم سوق العمل صورة معقدة: فقد ارتفع معدل البطالة الكندية إلى 6.5%، ارتفاعًا من 4.8% في يوليو 2022. ولا يرجع هذا الارتفاع إلى فقدان الوظائف ولكن إلى زيادة في مشاركة القوى العاملة مدفوعة بالهجرة الأخيرة. وقد يخفف هذا العرض المتزايد من العمالة من ضغوط الأجور، مما يوفر لبنك كندا مساحة لمتابعة استراتيجيته التدريجية لخفض أسعار الفائدة.
يهدف البنك المركزي الكندى إلى تحقيق التوازن بين الحفاظ على موقف سياسي محايد ودعم التوسع الاقتصادي.
الأسواق المالية تشير إلى خفض بنسبة 50 نقطة أساس مع درجة عالية من اليقين. حيث تميل الأسواق المالية إلى موقف أكثر عدوانية، حيث تضع في الحسبان احتمالية كبيرة لخفض بنسبة 50 نقطة أساس لاجتماع السياسة القادم. وإذا تم إقرار هذا الخفض، فسيساهم في إجمالي 83 نقطة أساس من التخفيضات المتوقعة بحلول نهاية ديسمبر. وفي المقابل، تسلط توقعات السوق بخفض بنسبة 60 نقطة أساس قبل أسبوع واحد الضوء على المشاعر المتطورة بين المستثمرين.
ومن شأن خفض بنسبة 50 نقطة أساس أن يوسع الفارق في أسعار الفائدة بين بنك كندا وبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، مما يخلق فارقًا قدره 125 نقطة أساس. وقد يفرض هذا المزيد من الضغوط على الدولار الكندي (CAD)، مما يجعل الواردات أكثر تكلفة ويثير المخاوف بين بعض أعضاء بنك كندا بشأن السعي إلى خفض أكبر للأسعار. وقد يؤثر الفارق الأوسع في أسعار الفائدة بين الولايات المتحدة وكندا على قرار بنك كندا. حيث يعتبر الاتساع المحتمل للفارق في أسعار الفائدة بين كندا والولايات المتحدة عاملاً حاسماً في عملية صنع القرار في بنك كندا. وإن خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس من شأنه أن يضخم هذا الفارق، مما قد يؤدي إلى ضغوط هبوطية إضافية على الدولار الكندي.
وقد يؤدي ضعف الدولار الكندي إلى ارتفاع تكاليف الاستيراد، مما يضيف ضغوطاً تضخمية تعقد هدف بنك كندا المتمثل في تحقيق استقرار الأسعار. ونظراً لهذه الديناميكيات، فقد يظهر خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس كخيار أكثر حكمة. ومن شأن هذا النهج أن يشير إلى استمرار التيسير مع تخفيف مخاطر الانخفاض الحاد في سعر الفائدة الكندي.
ومع ذلك، يظل القرار متوازناً بشكل جيد، حيث لا يزال خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس مساراً معقولاً يعتمد على توقعات التضخم لدى بنك كندا.
التوقعات الحمائمية تدفع زوج الدولار الأمريكي/الدولار الكندي USD/CAD إلى الارتفاع مع انتظار الأسواق لقرار بنك كندا. ومنذ بداية شهر أكتوبر/تشرين الأول، أتسعت الفجوة بين سعر مقايضة الدولار الأمريكي والدولار الكندي لمدة عامين من 50 نقطة أساس إلى 80 نقطة أساس. ويعكس هذا التحول توقعات أسعار الفائدة الحمائمية في كندا على خلفية المشاعر المتشددة في الولايات المتحدة الامريكية.
وقد دفع الفارق المتزايد سعر الدولار الأمريكي/الدولار الكندي USD/CAD إلى المقاومة 1.38، مما أعاق المكاسب المحتملة للدولار الكندي وسط استقرار نسبي بين العملات المتقاطعة، وخاصة مع وضع بعض المشاركين في السوق أنفسهم قبل الانتخابات الأمريكية المقبلة. وعليه فإن توقع السوق لخفض 50 نقطة أساس يجعل الدولار الكندي عرضة لإعادة التسعير إذا اختار بنك كندا خفض 25 نقطة أساس فقط.
وفي هذا السيناريو، من الممكن أرتفاع قيمة الدولار الكندي في الأمد القريب مع تكيف المستثمرين مع مسار تيسير أقل عدوانية مما كان متوقعًا في البداية.
ماذا سيقرر بنك كندا: خفض 25 نقطة أساس أو 50 نقطة أساس؟
وفي النهاية، يعتمد اختيار بنك كندا بين خفض 25 نقطة أساس أو 50 نقطة أساس على تقييمه لمخاطر التضخم، والزخم الاقتصادي، وتأثير ضعف الدولار الكندي على الاقتصاد الأوسع. وإن النهج الحذر من شأنه أن يفضل خفض 25 نقطة أساس، مما يسمح للبنك بالحفاظ على المرونة للتعديلات المستقبلية. وعلى العكس من ذلك، فإن خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس بشكل أكثر حسمًا قد يشير إلى التزام أقوى بدعم النمو الاقتصادي.
وستراقب الأسواق المالية عن كثب اجتماع السياسة القادم، مع ما يترتب على ذلك من آثار كبيرة على الدولار الكندي والتوقعات الاقتصادية لكندا. وعليه يظل المستثمرون والمحللون على أستعداد لتقلبات محتملة مع تعامل البنك المركزي مع هذه البيئة الصعبة.